التوحد:مشكلة بعض ابناءنا في عصرنا الحالي

التوحد: تعدُّ الحالات التي تشمل اضطرابات طيف التوحد (Autism Spectrum Disorder – ASD) من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعًا في العالم، حيث يتأثر الأفراد المصابون بها بالتفاعل الاجتماعي والتواصل، بالإضافة إلى تكرار سلوكيات محددة واهتمامات ضيقة. يشكل التوحد تحديًا للأفراد المصابين به ولأسرهم، ولكن مع فهم عميق للحالة وتقديم الدعم المناسب، يمكن تحقيق تحسين في جودة الحياة. دعونا نلقي نظرة على تاريخ اكتشاف التوحد، كيفية التشخيص، وكيفية التعامل معه مع استعراض لبعض الحلول المحتملة.

تاريخ اكتشاف التوحد

تمت إثراء فهمنا للاضطرابات ضمن طيف التوحد على مر العصور.اذ أنه في القرن التاسع عشر، اكتشف عالم الأعصاب الفرنسي جان إيسبينتيس، في عام 1943، أحد الأطباء النمساويين البارزين الذين عملوا في الولايات المتحدة الأمريكية، ليو كانر، حالات عدة من التوحد. منذ ذلك الحين، تطورت تعريفات ومفاهيم التوحد لتشمل مجموعة متنوعة من الأعراض والمستويات.

كيفية التشخيص

تتطلب عملية التشخيص للتوحد تقييمًا شاملاً للسلوكيات والتواصل والمهارات الاجتماعية. و تشمل الخطوات المشاركة في جلسات مع الأطباء المختصين في الصحة العقلية والسلوكية، بالإضافة إلى إجراءات تقييمية مثل مقابلات الوالدين والمعلمين واستخدام أدوات تقييمية معينة. يتم تشخيص التوحد بناءً على معايير محددة تحددها الجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA) والجمعية الأمريكية لطب الأطفال والأمراض العقلية (AACAP).

أسباب التوحد

1. العوامل الوراثية

لذلك يعتقد الباحثون أن هناك تأثيرًا وراثيًا في تطور التوحد. يبدو أن الجينات تلعب دورًا مهمًا في زيادة احتمالات التوحد، وقد يكون لديها تأثيرًا على تطور التواصل الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي.

2. العوامل البيئية

تشير الأبحاث إلى أن بعض العوامل البيئية قد تلعب أيضًا دورًا في زيادة احتمالات الاصابة، مثل التعرض للمواد الكيميائية الضارة خلال فترة الحمل أو الميلاد المبكر.

3. اختلالات النمو الدماغي

تظهر دراسات الأشعة التشويهية أن هناك اختلافات في تركيب ووظيفة الدماغ لدى الأشخاص المصابين بالتوحد، مما يشير إلى احتمالية وجود اختلالات في التطور الدماغي.

الأعراض الشائعة

1. صعوبات في التواصل اللفظي وغير اللفظي

يمكن أن يظهر الأفراد المصابون صعوبات في تطوير المهارات اللغوية والتواصلية، بما في ذلك التفاهم اللغوي واستخدام اللغة للتعبير عن الاحتياجات والرغبات.

2. اضطرابات السلوك

تشمل السلوكيات المتكررة والروتينية والتفاعل غير الملائم مع البيئة المحيطة. قد تتضمن هذه السلوكيات إعادة ترتيب الأشياء بشكل متكرر أو الانغماس في هوايات أو أنشطة محددة.

3. انخفاض التفاعل الاجتماعي

قد يظهر الأفراد المصابون انخفاضًا في القدرة على التفاعل الاجتماعي وفهم العواطف والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية.

4. اهتمامات محدودة

تظهر الأفراد المصابون بالتوحد غالبًا اهتمامات محدودة وروتينية تركز على مواضيع أو أنشطة معينة.

كيفية التعامل مع طفل التوحد

1. فهم الاحتياجات الفردية

لكل طفل توحدي ميزاته واحتياجاته الخاصة، لذا يجب فهم هذه الاحتياجات والتفاعل مع الطفل بناءً عليها.

2. توفير بيئة محفزة

يجب أن تكون البيئة المحيطة بالطفل محفزة ومناسبة لاحتياجاته التعليمية والاجتماعية.

3. استخدام الاتصال غير اللفظي

قد لا يكون الطفل التوحدي قادرًا على التواصل بشكل لفظي، لذا يجب استخدام وسائل الاتصال غير اللفظي مثل الإشارات والصور.

4. توفير التوجيه والهدوء

ان الطفل التوحدي يحتاج إلى توجيه وهدوء في بعض الأحيان، لذلك يجب تقديم الدعم العاطفي والتوجيه الواضح.

هل من حلول؟

رغم أنه لا يوجد حل واحد لجميع الحالات، إلا أن هناك مجموعة من الخطوات والبرامج التي يمكن اتخاذها لتحسين جودة الحياة للأفراد المصابين بهذا الاضطراب. منها العلاج السلوكي التطوري (ABA)، والعلاج اللفظي التواصلي (SLP)، والعلاج السلوكي المعرفي (CBT)، والعلاج الدوائي الذي يمكن استخدامه للتعامل مع الأعراض المصاحبة.

باختصار، التوحد يمكن أن يكون تحديًا للأفراد المصابين به ولأسرهم، ولكن مع الدعم المناسب والفهم العميق، يمكن تحقيق تحسين في جودة الحياة.لذلك فان التواصل مع الخبراء والبحث عن الدعم المناسب للتعامل مع هذا الاضطراب بكل فعالية وإيجابية.

الختام

بالرغم من عدم وجود سبب محدد ، فإن البحث الحديث يشير إلى أن هناك عدة عوامل قد تسهم في زيادة احتمالات تطوره. يجب أن يتم التشخيص من قبل فريق طبي مختص، ويمكن أن تساعد العلاجات المبكرة والدعم العائلي في تحسين جودة الحياة للأفراد المصابين بهذا الاضطراب.

3.5

Exit mobile version